" لم أفرح في حياتي –
من القلب – إلا ثلاث مرات : عندما ولد أبنى الوحيد منصور ، عندما عدت للبحرين بعد
سنوات المنفى .. واليوم " هذه الكلمات خرجت من عبد النبي العكري المناضل
البحريني العتيد الذي أمضى ربع قرن من حياته يحمل ملف البحرين بين أروقة الأمم
المتحدة وقد قدر أن انتصار الوفد الأهلي في هذه الجولة كان ساحقاً ..
كان مشهداً لا يُنسى..
صورة د.صلاح علي ورهطه وهم يُسرعون الخطى ليواروا
وجوههم التي إختلجت بالقهر والحزن وبدا بعضهم وكأنه يُوشك أن يبكي وجعاً.. وصورة
الوفد الشعبي وهو منتشٍ بالفرح والرضا وكأنه.. يُوشك أن يبكي.. فرحاً.
هذا النصر الشعبي
البحريني تزامن مع حملة ستزداد وتيرتها تباعاً للتشكيك والطعن وتخوين كل من ساهم
في هذا الإنجاز للشعب والإخفاق للنظام .. ولأن الشعب هو المالك الفعلي لهذا الحراك
فهو يستحق الأجوبة .. وستصله بكل تأكيد عبر هذه السطور ..
س سؤال : كيف
تكتكل هذا الوفد ؟ وأي حزب أو تيار يُمثل ؟
كنا وفداً وكتلةً – نعم-
ولكننا لم نكن فريقاً كما أُريد لكم أن تظنوا .. كان هناك حقوقيون وسياسيون
ومهنيون " يمثلون القطاع الطبي والصحفي والتعليمي " ونشطاء مستقلون
بينهم تباين في وجهات النظر والمقاربات السياسية ويمثلون تيارات عدة ولكنهم
انصهروا في بوتقة همّ واحد : بلورة فهم لحقيقة ما يجري في البحرين واستمطار أكبر
قدر من الاهتمام للقضية وصولاً للهدف الأكبر وهو : الدعوة لوقف ما يجري من انتهاكات وتجاوزات.
بعضنا لاجئون بالخارج
جاؤوا من لندن وسويسرا وأمريكا وأستراليا والدنمارك للمشاركة ، بعضنا جاء من
البحرين مجازفاً بكل شيء.. لم يكن عددنا كبيرا " حوالي 14 شخص " ولكنه
كان كافياً لتسلحه بأرقام وبيانات وقرائن مصدر كثير منها السلطة نفسها .. لم يكن
بيننا تنسيق – كعادة العرب - لذا عملت كل مجموعة منفردة أحياناً .. ولكننا ضغطنا
جميعاً باتجاه إرسال لجنة تحقيق دولية لتقصي ما يجري في البحرين ، تنفيذ توصيات بسيوني
التي ألزم النظام نفسه بها أمام العالم، وفتح مكتب دائم لمجلس حقوق الإنسان في
البحرين، وهو الطلب الذي تتلكأ السلطة في الموافقة عليه ، بل وترفض دخول المبعوثين
الدوليين، لعلمها بالهوة بين الواقع وما تدعيه.
س : ما قصة اللغط
الذي ثار حول فنادق الخمس نجوم .. وسيارات السفارة الإيرانية التي ترعى تنقلاتكم ؟
هي حلقة في مسلسل التضليل
الحكومي الذي لا يهدأ، وجهود آلته الإعلامية المدلسة التي لا تستكين.
بالنسبة للفنادق ، وبفهم
ما قيل سلفاً - وإثباتاً لما قيل سلفاً - لم نكن جميعاً في فندق واحد " كما
هو الحال مع كل الوفود " ولا في فنادق من مستوى واحد بل فُرزنا كلٌ حسب وضعه وإمكانياته
، القلةٌ سكنوا فنادق الـ 5 نجوم، أما الغالبية فسكنت فنادق من 3 نجوم – الى فنادق
بلا نجمة !! ستفاجئون بمعرفة أن أحد أحد الشخصيات المخضرمة جاءنا ذات صباح ليشتكي
من أن الكهرباء مقطوعة في فندقه منذ الأمس (!!) وفرت منا الضحكة عندما اكتشفنا ان
آخر يقطن فندق بدورات مياه مشتركة .. كثير من شبابنا تشاركوا الغرف " حيث سكن
كل اثنان في غرفة " وكنا نضحك صباحاً من شكوى هذا من شخير ذاك وامتعاض هذا من
سهر ذاك..
بعضهم سكن فنادق متهالكة
وكان ممتناً رغم ذلك لانهم يوفرون الشاي والقهوة يوميا ! البعض سكن مع أصدقاء
يعرفهم من الجالية في سويسرا في مواقع خارج جنيف في الوقت الذي أسكنت الحكومة فيه
" مطاريشها " بما فيهم أصغر الموظفين حجماً في غرف في الكونتينتال حيث تكلف
الغرفة 300-500 دينار في الليلة من مال الشعب طبعاً ..
نصفنا تواجدوا لثلاث ليال
فقط وعادوا في 22 مايو ونصفنا بقي لـ 26 مايو بمعنى اننا تواجدنا في جنيف لـمدد
تتراوح بين 3-6 ليال فقط " لا كما روج كتبة السلطة بأننا بقينا هناك
شهراً" .. بعض المنظمات تكفلت بقيمة التذكرة/ أو جزء منها للمشاركين –
كمتحدثين - في الندوات التي يرعونها. وقاعات الأمم المتحدة تغض بمشاركين من كل بلدان
العالم بعضهم جاء من دم الشعب وبعضهم جاء ببعض المساعدة من المنظمات الحكومية وأنا
على استعداد لتفصيل كل شيء، بالفواتير، لو تجرأ تلفزيون البحرين على استضافني ..
قصة سيارات الإيرانيين أضحوكة ! لم يكن لدينا إي إتصال بهم ولم تقدم لنا السفارة الإيرانية أية تسهيلات
وبالعكس كانت لغة إيران في الجلسة ناعمة خلافاً لحدس الجميع .. كنا نتنقل بكل سرور
بالترام وسيارات الأجرة ومشياً على الاقدام " والدنيا ربيع والجو بديع ،
فكفوا عن الهذر والهذيان !
ماذا عن الوفد
الحكومي ؟ ما هي مهامه وما مدى نجاحه فيها ؟
بدا قوام الوفد الحكومي
غريبا بعض الشيء.. فهو مزيج من أناس لهم مهمة " وإن كانت هامشية "
وآخرون ابتغت الحكومة إرسالهم للسياحة والإستجمام !
إجمالاً جاء الوفد
الحكومي للأمم المتحدة متحصنا بتقرير ربما أنفق في " حبكه " أشهراً
مديدة ..وكان على الوزير – ووفده- 3 مهام رئيسية :
- تحشيد الحلفاء –
بنفوذهم وعلاقاتهم - قبل الجلسة لتقليص الانتقادات لحدها الأدنى.
- تقديم تقرير يُثبت
التزام البحرين بتعهداتها الدولية ..
- أما المهمة الأهم فهي
إقناع الأعضاء – الذين سيقدمون الاسئلة – بخلاف ما يعتقدونه ..
وقد منى الوفد الرسمي
بفشل ذريع في كل مهامه على النحو التالي :
- فرغم أنه ضمّن مداخلات
تُثني عليهم من " الربع" دول الخليج واليمن والسودان وتايلند "
وإستطاع التأثير على الخطاب الأمريكي الذي – وإن أدان إنتهاكاتهم وجرم إعتقالاتهم – إلا إنه ضمن خطابة عبارة تدين ما أسماه "
عنف المتظاهرين" .. إلا أن ذلك لم يرجح كفتهم ولم يكبح الانتقادات التي نزلت
على رؤوسهم كالمطر.. ففي النهاية؛ 174 انتقاداً " لاذعاً" عدد ضخم لدولة
حصدت 34 انتقادا "هامشياً " في 2008 ، وهذا لاشك إنتصار لكل نشطاء
وحقوقيي البحرين الذين عرقلوا محاولات رجالات النظام ، وشركات العلاقات العامة
التي إستأجروها بملايين الملايين ، لتزييف الحقيقة ، فجهود نفرٍ من الوطنيين المخلصين إستطاعت نسف جهود دبلوماسية عالية للبحرين والسعودية.
- مهمتهم الثانية فشلت
بسبب خطأ إستراتيجي ذريع في كتابة التقرير نفسه. تمثل في الإستطراد الممل في
التباهي بمنجزات الحكومة التي تعتبرها الدول المتقدمة تحصيل حاصل..
مثال: تكلموا عن مجانية التعليم وعن حقوق المرأة والمعاقين بفخر وإعتداد متناسين أن تلك الدول تُعطي مواطنيها خدمات أجود من تلك دون أن تعدها فضلاً ولا مّنه على مواطنيها (!!) نفي التعذيب والتباهي بخطوات في مجال حقوق الانسان والتحدث وكأن أزمة البلاد قد انتهت كان خطاً فادحاً " هل يعتقد النظام أنه يستطيع استغفالنا " قالت سفيرة إحدى الدول المسنة وهي تخاطبني .. لقد إستخف رجال النظام – كعادتهم- بذكاء المشاركين فخرج تقريرهم ركيكاً بشكل يُثير الشفقة .
مثال: تكلموا عن مجانية التعليم وعن حقوق المرأة والمعاقين بفخر وإعتداد متناسين أن تلك الدول تُعطي مواطنيها خدمات أجود من تلك دون أن تعدها فضلاً ولا مّنه على مواطنيها (!!) نفي التعذيب والتباهي بخطوات في مجال حقوق الانسان والتحدث وكأن أزمة البلاد قد انتهت كان خطاً فادحاً " هل يعتقد النظام أنه يستطيع استغفالنا " قالت سفيرة إحدى الدول المسنة وهي تخاطبني .. لقد إستخف رجال النظام – كعادتهم- بذكاء المشاركين فخرج تقريرهم ركيكاً بشكل يُثير الشفقة .
- أما الفشل الاكبر فكان
في الرد على أسئلة الدول : وقد أشفقت على الوزير الوزير صلاح لحظتها لأن أول مهامه
كوزير كانت إنتحارية ! اعترف لد.صلاح علي بالتالي : رغم الصواعق التي نزلت عليهم إلا أنه إستطاع
الإحتفاظ برباطة جأشه ولم يفقد أعصابه " كما كان سيحصل لو بعثوا د.البلوشي
مثلاً" ولكنه اخفق – رغم تماسكه - في تقديم إجابات مقنعه بل وكثيراً ما جرّم
النظام بإجاباته واثبت ما يُقال فيهم من عنجهية وقمعية..
الإجابات المهلهلة..
اللغة الدفاعية.. الإعتماد على وعود وعبارات مطاطية جعل موقف البحرين رخواً وعلق
أحدهم أنه - حتى الانظمة القمعية الأخرى " سوريا ، ليبيا، الصين " إستطاعت أن تقدم إجابات أكثر متانة مما قدمه النظام البحريني !!
هناك تعليق واحد:
مشكورين والله يفرح قلوبكم انشالله ويعوضكم وننتظر المزيد
إرسال تعليق