الأربعاء، مارس 14

تاريخكم الذي يُراد له أن يُزيف (1-3)..


(1)

أرجح أننا الدولة الوحيدة في العالم التي تتجنب مناهجها الدراسية ذكر تاريخها في محاولة لطمسه وتزييفه !
فمناهجنا التربوية تقفز من ذكر خاطف لحضارتي أوال ودلمون وتايلوس في القرن الثالث قبل الميلاد ، لذكر رسالة النبي الكريم (ص) لوالى البحرين في العام 6 للهجرة.. للغزو البرتغالي عام 1521 م ، لتقفز مجددا للعام 1776 عندما دخل آل خليفة للبحرين، ولا يُذكر من تاريخ البحرين بعدها إلا المنجزات الحكومية !!
تاريخ مبتور..مشوه.. يقفز على مئات السنين وآلاف الأحداث المفصلية ما يشي بوجود حقائق يُراد لها أن تطمس عن تاريخ هذه الجزيرة الممتد لـ5 آلاف عاماً مضت كما تثبت الآثار والعملات والوثائق التي تحتضنها الأرض المتاحف البريطانية والوثائق العثمانية ويذكرها مؤرخي العالم والخليج العربي ..
في هذه الثلاثية سنكشف ، بشكل موجز ومبسط ، ملامح من تاريخ البلاد الذي اجتهدت العائلة الخليفية لطمسه لحاجتنا لها في هذا المفترق التاريخي الذي كثفت آلة الحكم فيه مساعيها لطمس هوية البلاد وتزييف ماضيه وحاضره.
وسننشر في الحلقة الأخيرة من هذه الثلاثية مراجع هذا التقرير ليعود لها القارئ لإثراء معلوماته عن تاريخه وتاريخ بلده..

*****

(2)

يعود تاريخ البحرين الموثق لأكثر من 5000 سنة.. فالطبيعة الزراعية الخصبة للبلاد، وموقعها الجغرافي المركزي أهلها لتكون مركزاً لحضارات ثلاث : دلمون.. أوال وتايلوس.. في خضعت بعدها للفرس الساسانيين حكموها بواسطة ولاة من العرب. وعندما كاتب الرسول (ص) والي البحرين المنذر بن ساوى دخلت البحرين الإسلام..

أما عن سبب تسميتها بالبحرين "رغم كونها جزيرة " سببه التقاء الماء المالح والعذب فيها، حيث كانت عيون المياه العذبة " وتُسمى كواكب" تصب في البحر فيلتقي المالح والعذب فيها في آن واحد.. أما أهلها فهم " بالبحارنه" وينسب للمسمى ذاته بعض أهل المنطقة الشرقية في السعودية..

ورد في قاموس المحيط ومعجم لسان العرب ذكر البحارنه إذ قيل : "البَحْرانِ: موضع بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قال اليزيدي: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ فقيل بحراني" وكان هذا هو المسمى الرسمي لأهل البحرين حتى ستينات القرن الماضي عندما أختلط السكان القدامى بغيرهم فاستحدثت الحكومة البحرينية لفظ " بحريني" ليعم على الجميع.

ينحدر البحارنة ، ومركزهم شرق الجزيرة العربية والبحرين، ينحدرون من قبائل بكر بن أبي وائل وأبن القييس وقبيلة تغلب. ويعتنق جلهم المذهب الشيعي الإثناعشري، وقد برر الشيخ مغنية في كتابه" الشيعة في الميزان" ذلك بالقول :
((تشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والأحساء بدأ منذ عهد الصحابة " والسر" أن النبي ( ص ) بعث واليا عليها إبان بن سعيد بن العاص الأموي ، وبعد وفاته كان إبان من الموالين لعلي والمتخلفين عن بيعة أبي بكر بعد وفاة النبي (ص) وهو من زرع التشيع وحب آل البيت في هذا الأقليم"

*****

(3)

في العام 1521م أنزل البرتغاليون قواتهم في البحرين واحتلوها على مدار 80 عاماً حتى طردهم منها الفرس الصفويون واحتلوها عام 1602 م ليمتد الحكم الفارسي للبحرين لحوالي 98 عاماً " لذا كتبت غير ذي مرة أن بعض الأعاجم من أصول فارسية " سنة وشيعة" أعرق وجوداً على هذه الأرض من العائلة الخليفية نفسها لكونهم من بقايا تلك الحقبة"
في عام 1700 أنتزع سلطان عمان البحرين من الفرس وعين عليها ولاة من العتوب ولم يطل الأمر حتى استولى الأفشريين الفرس على البحرين مجددا وعينوا آل مذكور ولاةً عليها حتى العام 1783 عندما خضعت البحرين لحكم جديد وهذه المرة من آل خليفة بقيادة أحمد بن خليفة الذي لقب بالفاتح، الذي هزم نصر بن مذكور واستولى على البحرين..

*****

(4)

هل دخل آل خليفة البحرين كغزاة ؟
هناك روايات تذكرها مراجع إيرانية وعثمانية تقدم رواية مختلفة لدخول آل خليفة للبحرين نضعها بين أيديكم غير مؤكدين لها - ولا نافين- ولكنها تستحق التأمل لمنطقيتها في الإجابة على سؤال محير :
وكيف أستطاعوا - على قلتهم ومحدودية عتادهم- التغلب على والي الفرس وأعوانه ؟
تقول تلك المصادر أن آل خليفة دحروا ابن مذكور بمساعدة البحارنة.. فقد نشبت خلال تلك الفترة حرب أهلية بين مجموعة من العوائل المتنفذه في البحرين: آل مدن.. وآل ماجد وعائلة البلادي (سميت لاحقا بعائلة الجشي) كما وشب صراع بين منطقتي البلاد القديم وجد حفص انتهى بانتصار جد حفص.. وازدادت الاضطرابات عندما أتهم أتباع آل مذكور بقتل بعض أهالي سترة..

تزامن هذا مع تواتر زيارات آل خليفة البحرين بغرض التجارة وكانوا وقتها يعانون من مشكلات مع قبيلة آل علي التي كانت تهيمن على الزبارة ويخشون أن يُطردوا من الزبارة كما طردهم آل صباح من ضواحي الكويت من قبل سيما بعد أن أقدم محمد بن خليفة على قتل جابر بن عذبي الجلاهمة ما فجر مشكلات بينهم وبين القبيلتين" آل علي والجلاهمة".. هنا فشجع البحارنة آل خليفة على ترك الزبارة ووجدوا في قدومهم حلاً للصراع الأهلي وبالفعل تمكن آل خليفة من دخول البحرين ونشأت علاقة طيبة بين البحارنة وآل خليفة لم تدم طويلاً.

*****

(5)

لم يكتمل عقد من الزمن إلا وغزت عائلة البوسعيد العمانية البحرين عام ١٧٩٩ ولمدة ٣ سنوات، وبعد مفاوضات وافقوا على إعادة الحكم لآل خليفة على أن يدفعوا الجزية للبوسعيد وبالفعل دفعت البحرين - ولمدة ٣٠ عاما- الجزية لحاكم مسقط حتى قرر آل خليفة الاستعانة بآل سعود للتخلص من سيطرة عائلة البوسعيد وهو القرار الذي ندموا عليهم ودفعوا ثمنه.. غاليا..!

يتبع..
تاريخكم الذي يُراد له أن يُزيف (1-3)..
نشر بتاريخ مارس 13, 2012

ليست هناك تعليقات: