الثلاثاء، فبراير 21

حديث المصارحة الأول : الشقاق حول الوفاق..





(1)
سأبدأ بما بدأت فيه كلمتي في ساحة المقشع: لست "وفاقية".. خطي السياسي اقرب لجمعية " وعد" منه لسواها ولا أرى نفسي رغم ذاك في إي جمعية أو تيار قائم.. ومع أني عارضت مراراً مواقف وسياسات للوفاق.. وجادلت في سياساتها ومقارباتها السياسية إلا أني لا أشك قيد أنمله في وطنيتها وإخلاصها للشعب والبحرين..
تعالي أبواق الحكومة واستماتتها في استهداف الوفاق والنيل من شخوصها مبرر تماماً، معذورين الجماعة ، فليس من السهل عليهم أن يروا أن جمعية حديثه النشأة نسبيا تملك ما لا يملكونه من قوة شكيمة وامتداد في الشارع.. والناظر لمقارباتهم ومقاربات كيانات الحكم وتكتلاته من "فاتح وصحوة ولا اعرف أن فرخوا شيئا جديدا مؤخرا" سيلمس – بجلاء- اتزان الأولى وتخبط الثانية ودليل نجاح الأولى وإخفاق الثانية اعتراف السلطة واذرعها بأنهم – رغم كل الإمكانيات الإعلامية والسياسية وتشابك مصالحها وكثره تحالفتها و..و.. فشلت بشكل ذريع في الحرب الإعلامية والسياسية أمام معارضة لا تملك إلا حنجرتها وحبرها..

(2)
وفاق اليوم أخطر من وفاق الأمس: تتحدث لغة العصر، ترطن "عنجريزي" وتجيد تقديم نفسها للعالم ورصّ خطاباتها وموازنة مواقفها.. لقد نضجت الوفاق ،والقيادات المعارضة إجمالا، خلال عام بشكل جدير بالتأمل - ولست هنا لتمجيد الوفاق صدقوني- فلطالما أغاضوني بقائمتهم الإيمانية..!! واغاضوني أكثر عندما تخاذلوا عن تقديم دعم لحلفائهم الليبراليين وتجاهلوا الزج بنساء في قوائمهم.. موقفهم من الأحوال الشخصية مازال يزعجني وسأعود لمعارضتهم ومناكفتهم ما أن تضع الحرب أوزارها ولكننا – اليوم- في خضم صراع كسّر عظم.. البحر من إمامنا والمتربصون من خلفنا وهناك فراعنة كُثر يريدون إبادتنا وعلينا أن نتكتل خلف قادة ونتعالى على أية خلافات أيدلوجية فكرية أو إستراتيجية، ليس الوقت وقت تخوين ولا تشكيك ولا هجاء ولا تصفية حسابات، لدينا هدف محدد :
إزاحة هذه الحكومة التي أثبتت أنها تزدرينا وتستهين بأرواحنا وإعراضنا وأموالنا وحقوقنا وإبدالها بأخرى –عصرية مدنية- توقر المواطن وتحترم الحريات وسيادة القانون.. ولن يتأتى هذا إلا بتغيير بنية نظام الحكم لصالح هيكل جديد يكون الشعب فيه - لا العائلة ولا الطائفة ولا القبيلة - هو مصدر السلطات جميعا..
ولا أرى قيادة تصلح للسير بنا في هذا الطريق الوعّر الآن سوى الوفاق سواء أشئنا أم أبينا..

(3)
كلامي هذا أزعج الشباب الذين لطالما كررت أنهم – هُم لا أقطاب المعارضة- من أطلق شرارة الثورة.. وقد يُزعج من يرى في الوفاق قيادة رخوة وسلبية وأقولها هنا ليسمعني الجميع: المرحلة لا تحتمل أخطاءً، ولا تحتمل فرقة ولا تشرذماً.. نحن الفئة المستضعفة في مواجهة آلة القمع الإقليمية وآخر ما نحتاجه هو الشقاق أو إظهار الضعف والفرقة.. لذا فلنتفق على حقيقة مفصلية :
هناك قيادة ثورية للميدان متمثله في 14 فبراير وائتلافهم ، نعترف بهم ونقدرهم ولكننا لا نعرفهم، ولا نستطيع محاورتهم أو التعاطي معهم علنا لذا فهم روح أكثر منهم كيان.. وهناك قيادة سياسية للمعارضة، كيانات معترف به عالميا وإقليميا، ممثله في الوفاق وائتلاف الجمعيات السبع..وهناك فرق – جوهري- بين القيادة الثورية والقيادة السياسية على أية حال..

(4)
الثائر لا يعترف بالحسابات ولا بالمعادلات ولا يجيد التعامل مع وجهات النظر المختلفة.. أما السياسي فيقرأ الممكنات ويؤجل الأهداف ويقدمها وفقاً لرؤية بانورامية للمشهد،،
الثائر مقدام مغامر لا يهمه الثمن ولا الضرر في سبيل الهدف الاسمي.. أما السياسي فيتحقق من تفّوق الأرباح على الخسائر، ومن الإبقاء على نوافذ ومساحة مناورة..وان التضحيات والأضرار تكون مؤطره ولا تتخطى سقفا يزيد الضحايا بوساً فوقاً بؤسهم .


الثائر لا يملك حلولا شاملة ورؤية واضحة وليس ملزماً بأن يكون مفكرا.. أما السياسي بلا رؤية فهو كالسفينة بلا بوصله ولا شراع،،
الثائر قد يملك القوة ولكنه قلما يمتلك المرونة – السياسي مُلزم بامتلاكها وإلا لفظته السياسة كحسك السمك..


الثائر يرى الدنيا بلونين.. السياسي يرى الألوان كلها ولكنه يلوذ بالمنطقة الرمادية ولا أشك أن نقاء الثائر ومبادئه اسمي من مبادئ السياسيين ولكن السياسة لا تقاد بالعضلات ولم تعد المكاسب في عالم اليوم تُنتزع بالسيف وقد اثبت التاريخ بأن الثوار العظام فشلوا في العمل السياسي لما واتتهم الفرصة لإدارة شئون البلاد وتشي جيفارا وهوجو تشافيز، فيدل كاسترو وحتى الجيلاني والقذافي وغيرهم كانوا ثوارا مغاوير يوما فماذا حصل عندما اعتمروا قبعة السياسي ؟
ولحديث المصارحة هذا بقية..

21-فبراير- 2012

ليست هناك تعليقات: